20‏/03‏/2010

التنمية البشرية - د.عبدالمجيد حميد الكبيسي


بسم الله الرحمن الرحيم
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الاسراء 70
صدق الله العظيم


التنمية البشرية
د।عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي






شهد العقد الاخير من القرن الماضي, تنام واع بقيمة الإنسان هدفا ووسيلة في منظومة التنمية الشاملة . ومن خلال الدراسات والبحوث, عقدت مؤتمرات عدّة لتحديد مفهوم التنمية البشريه وتحليل مكوناتها وابعادها, بوصفها إشباع الحاجات الاساسية, والتنمية الاجتماعية, وتكوين رأس المال البشري, أو رفع مستوى المعيشه أو تحسين نوعية الحياة (البرنامج الإنمائي,2003:ص18).

وتستند قيمة الإنسان في ذاته وبذاته إلى منطلقات قررتها الديانات السماوية ( وخاتمتها الشريعة المحمدية الغراء بوصفها الامة الوسط) التي تنص على كرامة الإنسان والذي جعله الله خليفة في الارض ليعمّرها بالخير والصلاح عبر الراية الايمانية الاختبارية التي تتناقلها الخلائف البشرية وحتى قيام الساعة.

وتعرف التنمية البشرية بانها عملية إتاحة خيارات اوسع للناس, بزيادة فرصهم من حيث التعلّم والرعاية الصحية وكذلك من حيث الدخل والعمالة وبذلك يصبح السكان غاية التنمية وأداتها في آن واحد . وهي عملية مركبة لتفاعل مجموعة من العوامل والمدخلات المتعددة والمتنوعة, من اجل الوصول إلى تحقيق تأثيرات وتشكيلات معينة في حياة الإنسان, وفي سياقه المجتمعي, كذلك فانها حركة متصلة تتواصل عبر الاجيال زمانا ومكانا .

وبذلك يعني هدف التنمية تنمية الإنسان في مجتمع ما, بكل ابعاده الاقتصادية والسياسية, وطبقاته الاجتماعية واتجاهاته الفكرية والعلمية والثقافية . فعلى سبيل المثال, ليس المهم مجرّد الزيادة في أعداد السكان، ولكن الزيادة في أعداد السكان ذوي المستويات التعليمية الجيدة، والمستوى التدريبي المناسب، والذين يتم مزجهم مع وسائل أفضل للاتصالات والمواصلات .(السقا,2008ف8:ص12)

وللتعبير عن مستوى التنمية البشرية يمكن استنباط مؤشر التنمية البشرية الذي يجمع بين مؤشرات ثلاثة : طول الحياة الذي يقاس بتوقع الحياة عن الولادة, التحصيل العلمي الذي يقاس بمعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة, والالتحاق بالمدرسة الابتدائية و الثــانوية والعليــا, الحصول على الموارد عبر قيـــــاس الدخــل الفردي -الموارد بحسب القدرة الشرائية المقارنه- .

وقد ادخلت تعديلات على هذا المؤشر منذ استنباطه للمرة الاولى سنة 1990 من قبل برنامج الامم المتحدة الإنمائي, طالت التحصيل العلمي والدخل الفردي, كما تمّ استنباط مؤشرات اخرى متصلة بالتنمية(البرنامج الإنمائي,1990-2004),منهامثلا :

1. مؤشرات عدم المساواة : التي تلاحظ في عدم التعادل في توزيع الدخل .

2. مؤشر الحرية البشرية : الذي يغطّي خمسة مظاهر للحرية ؛ الأمن الشخصي, حكم القانون, حرية التعبير, المشاركة السياسية, المساواة في توزيع الفرص .

3. مؤشرات النوع الاجتماعي : مؤشر التنمية البشرية المتعلّق بالتفاوت بين الذكور والإناث لقياس مدى التفاوت في التنمية بين الذكور والإناث. مؤشر التنمية المتعلق بالنوع الاجتماعي، وهو مؤشر معدّل بالنسبة إلى عدم المساواة بين الذكور والإناث .

4. مؤشر التمكين بحسب النوع الاجتماعي : يعكس مشاركة المرأة في القرارات السياسية, وإمكان وصولها إلى الاعمال المهنية وقدرتها على الكسب المادّي .

5. مؤشرات الفقر :

أ . مؤشر العوز البشري : أي نسبة النقص في القدرة على التغذية الجيدة والصحة « من خلال نسبة الاطفال دون الخامسة من العمر تحت الوزن المطلوب, نسبة الولادات التي تتم دون طاقم صحي متخصص» .
ب . مؤشر الفقر البشري « للدول النامية » يقيس الحرمان في الابعاد الاساسية الثلاثة التي يتضمنها .
جـ . مؤشر التنمية البشرية : عمر مديد وحياة صحية، التعرض للموت في عمر مبكر نسبيا, كما يقاس عند الولادة وفقا لاحتمال الموت قبل بلوغ سن الاربعين .
د . المعرفة : الإقصاء عن عالم القراءة والاتصالات, كما يقاس بأمية البالغين .
هـ. مستوى من العيش الكريم : عدم القدرة على الوصول إلى الإمدادات الاقتصادية الجمالية, كما تقاس بكل من نسبة السكان المئوية الذين لا يستعملون مصادر المياه النظيفة ... (نوفل,2006:ص25)

ولان البشر هم الثروة الحقيقية للأمم, وان التنمية الإنسانية هي عملية توسيع خيارات البشر, فأن احقياتهم من حيث المبدأ غير محدودة, وتتنامى باطراد مع رقي الإنسانية. ومن المداخل الاساسية لتحسين حياة الإنسان على الارض الاهتمام بتفعيل دور الفرد والاسرة, والجماعة, والامة, والإنسانية). ويتم ذلك من خلال «العيش حياة طويلة وصحية, والحصول على المعرفة, وتوافر الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق, مع استحقاقات إضافية اخرى, تشمل الحرية السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, وتوافر الفرص للإنتاج والإبداع, والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان » . (البرنامج الإنمائي,2003:ص18)

ويمكن القول اذا ، ان هنالك بعدان يحكمان مفهوم التنمية البشرية : اولهما ذاتي يتضمن تنمية قدرات الانسان البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية والمهارية والروحية.... ، وثانيهما موضوعي يتضمن تنمية الموارد والمدخلات والانشطة الاقتصادية لتنمية البناء المؤسسي المجتمعي للانتفاع بمختلف قدرات الناس. وفي هذا وذاك يلتقي هدف الفرد وهدف المجتمع نحوصنع التقدم والتطور وتحسين نوعية الحياة، وذلك في اطار التوازن بين امكانات واحتياجات كل منهما . وصدق الله جل شأنه وعظمت قدرته وحكمته السرمدية حين قال : بسم الله الرحمن الرحيم
"لقدخلقنا الانسان في احسن تقويم"التين/4 ،
"وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات" غافر/64
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د।عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي / مدير الاعداد والتدريب في المديرية العامة لتربية الانبار
الاكآديمية العليا للدراسات العلمية والانسانية /قسم العلوم التربوية والنفسية /بغداد /العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق