28‏/03‏/2010

د. عبدالمجيد حميد الكبيسي: الاتجاهات نحو قضايا التربية السكانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الاتجاهات نحو قضايا التربية السكانية
د.عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي







تستعمل كلمة « الاتجاه » في أكثر من معنى في مجالات العلم والحياة اليومية, فمثلا تستعمل هذه الكلمة للدلالة على وجهة الرياح, أو الطائرة, أو الارتفاع أو الانخفاض في الدراسة العلمية لظاهرة ما, أو المنحى الذي تأخذه الدولة في مواجهة أمرعام يتصل بسياستها الداخلية أو الخارجية .
تعريف الاتجاه Attitude:هنالك تعريفات عديدة للاتجاه ، نسوق منها الصيغ الآتية:
1. تعريف Kanfer واخرون 1984 :
«هو مجموعة من المفاهيم, والمعلومات والعواطف, التي تجعلنا نفضّل أو لانفضّل, اشخاصا معينين, أو مجموعات, أو أفكارا أو انشطة» . (Kanfer 1984:p.59)

2. تعريف كاظم 1988 :
«هوميل سلوكي يصف نوعة الشخص إلى أن يعمل اصنافا معينة من الاستجابات - مستندة الى أبعاد مستحسنة وغير مستحسنة - نحو صنف معين من المنبهات مثل, الاحداث أو المؤسسات, أو الافراد ».(كاظم,1988:ص20)

3 .تعريف إبراهيم 1990 :

«هو المواقف التي يتخذّها الفرد من جميع مكونات بيئته , ونظرته اليها وفكرته عنها» .(إبراهيم وآخرون,1990:ص12)

4 . تعريف الرفاعي 2005 :

«حالة استعداد عقلي أو عصبي، نظمت عن طريق الخبرات الشخصية ، تعمل على توجيه استجابات الفرد ، لكل تلك الاشياء والمواقف التي تتعلق بهذا الاستعداد».وهو« تهيّؤ, أو نزوع متعلم ثابت نسبيا لدى الشخص, لاستجابة تفضيل أو عدم تفضيل موضوعة نحو الافراد أو الجماعات, أو المؤسسات, أو الافكار, وذلك في مجال يستثير الاستجابة, ويعدّ موضوع الاتجاه من المواضيع التي تهتّم به الجماعة, و يأتي من تفاعل الشخص بكلّ ما عنده، مع محيطه بكلّ مافيه». (الرفاعي,2005:ص131)

5 .تعريف الزق 2006 :
«اعتقاد أو شعور يهيّئ الفرد للاستجابة بطريقة معينة للأشياء, سواء اكانت هذه الأشياء أشخاصا أو جماعات أو أفكارا ونظما ومبادئ »।(الزق,2006:ص273)

6. تعريف الباحث للاتجاه :
أ. التعريف النظري:
« المواقف التي يتخذها الفرد من جميع مكونات بيئته ، ونظرته اليها، وفكرته عنها – مستندة الى ابعاد مستحسنة وغير مستحسنة ـ وياتي موضوع الأتجاه من تفاعل الشخص بكل ماعنده مع محيطه بكل مافيه» . (الكبيسي،2009: ص25-29)

ب. التعريف الأجرائي :
«الاتجاه هو محصّلة استجابات المبحوثين في عينّة البحث, بالقبول أو الرفض للعبارات المذكور في مقياس اتجاهاتهم نحوقضايا التربية السكانية। ويقاس بالدرجات التي يحصلون عليها بعد استجابتهم لهذا المقياس».(الكبيسي،2009: ص25-29)

وعند الحديث عن الاتجاهات الرئيسية في التربية السكانية فان ذلك يتطلب توافر خبرة تاريخية طويلة، ولما كانت التربية السكانية حديثة العهد في المنطقة العربية، فان الوقت لم يحن بعد لملاحظة ذلك. اضافة الى ان نجاح التربية السكانية يفترض تغييرات فى الوعي والسلوك، والتغييرات هنا بطيئة الظهور، لذلك فانها تتطلب مدة تنفيذ اطول للبرنامج قبل حصول النجاح او قبل التمكن من الحكم عليه .الا انه يمكن رصد بعض الاتجاهات على اساس عدد قليل من الخبرات المحدودة للدول التي اخذت بالتربية السكانية :

ــ التربية السكانية تدمج في الغالب في المناهج القائمة ، وخصوصا التعليم العام - ابتدائي، ثانوي:متوسط، إعدادي- وقد شمل ذلك كل المواضيع تقريبا.
ــ يترك التعليم في الغالب الى مدرس الصف النظامي وليس المتخصص بشؤون السكان.
ــ اعتماد البرامج المدرسية وضعف التنسيق بينها وبين التعليم خارج المدرسة.
ــ مازالت البنية التحتية التنظيمية للتربية السكانية ضعيفة في اكثر الاقطار العربية، ماعدا تونس ومصر حيث انشأت دوائر مستقلة ضمن وزارة التربية تتولى ادارة برامجها، وثمة اقطارعدة الّفت لجانا خاصة للتربية السكانية تشارك دوائر مختلفة في مسؤولية تنفيذ البرامج سواء داخل المدرسة اوخارجها. (الحفار،2007:ص13) ،(خضور,2007:ص315),(أديب,2006:ص7-12)

وبناءا على هذا, ترّكز التربية السكانية مثلا على, اتجاهات عدة منها :
□ التداخلات الإنسانية :
ــ روابط البيئة والإنسان .
ــ مضامين الحياة الأسرية .
ــ قضايا الصحة الإنجابية أو التربية الجنسية .

□ التربية الوقائية من الأمراض المنقولة جنسيا بما فيها الايدز .

□ تكوين قيم ومواقف ايجابية نحو المسائل السكانية :

ــ التأطير الروحي للقضايا السكانية.
ــ مفهوم العدالة والمساواة وتمكين المرأة,تجنب الزواج المبكر وتكرارا لحمل .
ــ تشجيع الرضاعة الطبيعية .
ــ تجنب ما أمكن من الزواج من الأقارب .
ــ إدخال المفاهيم السكانية في المناهج .
ــ تشجيع التفكير التحليلي .
ــ تعليم التفكير الموجه نحو المستقبل ومهارات حل المشكلات .
ــ الإعداد والتأهيل في مجال التربية السكانية والتوثيق المطلوب لها ।
د।عبدالمجيد حميد الكبيسي
المديرية العامة لتربية الانبار/ الاعداد والتدريب ।
الاكاديمية العليا للدراسات العلمية والانسانية /العلوم التربوية والنفسية/ بغداد / العراق

20‏/03‏/2010

التنمية البشرية - د.عبدالمجيد حميد الكبيسي


بسم الله الرحمن الرحيم
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الاسراء 70
صدق الله العظيم


التنمية البشرية
د।عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي






شهد العقد الاخير من القرن الماضي, تنام واع بقيمة الإنسان هدفا ووسيلة في منظومة التنمية الشاملة . ومن خلال الدراسات والبحوث, عقدت مؤتمرات عدّة لتحديد مفهوم التنمية البشريه وتحليل مكوناتها وابعادها, بوصفها إشباع الحاجات الاساسية, والتنمية الاجتماعية, وتكوين رأس المال البشري, أو رفع مستوى المعيشه أو تحسين نوعية الحياة (البرنامج الإنمائي,2003:ص18).

وتستند قيمة الإنسان في ذاته وبذاته إلى منطلقات قررتها الديانات السماوية ( وخاتمتها الشريعة المحمدية الغراء بوصفها الامة الوسط) التي تنص على كرامة الإنسان والذي جعله الله خليفة في الارض ليعمّرها بالخير والصلاح عبر الراية الايمانية الاختبارية التي تتناقلها الخلائف البشرية وحتى قيام الساعة.

وتعرف التنمية البشرية بانها عملية إتاحة خيارات اوسع للناس, بزيادة فرصهم من حيث التعلّم والرعاية الصحية وكذلك من حيث الدخل والعمالة وبذلك يصبح السكان غاية التنمية وأداتها في آن واحد . وهي عملية مركبة لتفاعل مجموعة من العوامل والمدخلات المتعددة والمتنوعة, من اجل الوصول إلى تحقيق تأثيرات وتشكيلات معينة في حياة الإنسان, وفي سياقه المجتمعي, كذلك فانها حركة متصلة تتواصل عبر الاجيال زمانا ومكانا .

وبذلك يعني هدف التنمية تنمية الإنسان في مجتمع ما, بكل ابعاده الاقتصادية والسياسية, وطبقاته الاجتماعية واتجاهاته الفكرية والعلمية والثقافية . فعلى سبيل المثال, ليس المهم مجرّد الزيادة في أعداد السكان، ولكن الزيادة في أعداد السكان ذوي المستويات التعليمية الجيدة، والمستوى التدريبي المناسب، والذين يتم مزجهم مع وسائل أفضل للاتصالات والمواصلات .(السقا,2008ف8:ص12)

وللتعبير عن مستوى التنمية البشرية يمكن استنباط مؤشر التنمية البشرية الذي يجمع بين مؤشرات ثلاثة : طول الحياة الذي يقاس بتوقع الحياة عن الولادة, التحصيل العلمي الذي يقاس بمعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة, والالتحاق بالمدرسة الابتدائية و الثــانوية والعليــا, الحصول على الموارد عبر قيـــــاس الدخــل الفردي -الموارد بحسب القدرة الشرائية المقارنه- .

وقد ادخلت تعديلات على هذا المؤشر منذ استنباطه للمرة الاولى سنة 1990 من قبل برنامج الامم المتحدة الإنمائي, طالت التحصيل العلمي والدخل الفردي, كما تمّ استنباط مؤشرات اخرى متصلة بالتنمية(البرنامج الإنمائي,1990-2004),منهامثلا :

1. مؤشرات عدم المساواة : التي تلاحظ في عدم التعادل في توزيع الدخل .

2. مؤشر الحرية البشرية : الذي يغطّي خمسة مظاهر للحرية ؛ الأمن الشخصي, حكم القانون, حرية التعبير, المشاركة السياسية, المساواة في توزيع الفرص .

3. مؤشرات النوع الاجتماعي : مؤشر التنمية البشرية المتعلّق بالتفاوت بين الذكور والإناث لقياس مدى التفاوت في التنمية بين الذكور والإناث. مؤشر التنمية المتعلق بالنوع الاجتماعي، وهو مؤشر معدّل بالنسبة إلى عدم المساواة بين الذكور والإناث .

4. مؤشر التمكين بحسب النوع الاجتماعي : يعكس مشاركة المرأة في القرارات السياسية, وإمكان وصولها إلى الاعمال المهنية وقدرتها على الكسب المادّي .

5. مؤشرات الفقر :

أ . مؤشر العوز البشري : أي نسبة النقص في القدرة على التغذية الجيدة والصحة « من خلال نسبة الاطفال دون الخامسة من العمر تحت الوزن المطلوب, نسبة الولادات التي تتم دون طاقم صحي متخصص» .
ب . مؤشر الفقر البشري « للدول النامية » يقيس الحرمان في الابعاد الاساسية الثلاثة التي يتضمنها .
جـ . مؤشر التنمية البشرية : عمر مديد وحياة صحية، التعرض للموت في عمر مبكر نسبيا, كما يقاس عند الولادة وفقا لاحتمال الموت قبل بلوغ سن الاربعين .
د . المعرفة : الإقصاء عن عالم القراءة والاتصالات, كما يقاس بأمية البالغين .
هـ. مستوى من العيش الكريم : عدم القدرة على الوصول إلى الإمدادات الاقتصادية الجمالية, كما تقاس بكل من نسبة السكان المئوية الذين لا يستعملون مصادر المياه النظيفة ... (نوفل,2006:ص25)

ولان البشر هم الثروة الحقيقية للأمم, وان التنمية الإنسانية هي عملية توسيع خيارات البشر, فأن احقياتهم من حيث المبدأ غير محدودة, وتتنامى باطراد مع رقي الإنسانية. ومن المداخل الاساسية لتحسين حياة الإنسان على الارض الاهتمام بتفعيل دور الفرد والاسرة, والجماعة, والامة, والإنسانية). ويتم ذلك من خلال «العيش حياة طويلة وصحية, والحصول على المعرفة, وتوافر الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق, مع استحقاقات إضافية اخرى, تشمل الحرية السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, وتوافر الفرص للإنتاج والإبداع, والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان » . (البرنامج الإنمائي,2003:ص18)

ويمكن القول اذا ، ان هنالك بعدان يحكمان مفهوم التنمية البشرية : اولهما ذاتي يتضمن تنمية قدرات الانسان البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية والمهارية والروحية.... ، وثانيهما موضوعي يتضمن تنمية الموارد والمدخلات والانشطة الاقتصادية لتنمية البناء المؤسسي المجتمعي للانتفاع بمختلف قدرات الناس. وفي هذا وذاك يلتقي هدف الفرد وهدف المجتمع نحوصنع التقدم والتطور وتحسين نوعية الحياة، وذلك في اطار التوازن بين امكانات واحتياجات كل منهما . وصدق الله جل شأنه وعظمت قدرته وحكمته السرمدية حين قال : بسم الله الرحمن الرحيم
"لقدخلقنا الانسان في احسن تقويم"التين/4 ،
"وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات" غافر/64
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د।عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي / مدير الاعداد والتدريب في المديرية العامة لتربية الانبار
الاكآديمية العليا للدراسات العلمية والانسانية /قسم العلوم التربوية والنفسية /بغداد /العراق