22‏/02‏/2013

د.عبدالمجبد حميد الكبيسي :منحى النظم ( مقدمة عامة )





منحى النظم
( مقدمة عامة )
 
د.عبدالمجبد حميد الكبيسي




(محاضرة ملقاة على دورة الادارة المدرسية
لمدراء المدارس الثانوية في مركز محافظة الانبار/العراق)
                                       (كانون الاول 2011 م )



يمكن تطبيق منحى النظم على كل شي في الحياة، و ذلك  بما الهمنا الله ( جل شأنه) من العلم القليل والمعرفة البسيطة المتاحة للبشر ، حيث يتيح لنا امكانات العمل المخطط والمبرمج والمتزن لولوج التطور العلمي والتكنولوجي والاجتماعي على نحو متوازن.. ،وعندما تتفتح آفاقنا لهذا الاسلوب من التفكير الذي يرى الصورة الكاملة ، لا الأجزاء منها، فأن العالم سيبدو لنا اكبر من مجرد العصر الذي نعيشه، فهو ليس فترة حياة شخص معين ، ولا فترة حياة دولة معينة بذاتها ،بل هو نظام قائم منذ خلق آدم عليه السلام وممتد حتى قيام الساعة .

منحى النظم (مدخل النظم / نظرية النظم ) :

أن كل ما في الكون ، صغر أو كبر ، يعد وحده متكاملة متناسقة في ذاته  ،وهو ينتمي إلى وحدات اكبر ، والتي بدورها تنتمي إلى وحدات أكبر وهكذا .. ، وأن كل وحدة من هذه الوحدات لها وظيفة محددة تسعى عناصرها إلى تحقيقها ، وتترابط وتتكامل في سبيل ذلك.ولعل الجسم الإنساني أوضح مثال لمفهوم النظام ، فالجسم وحدة متكاملة أو نظام متكامل يتكون من عدة أجهزة أوعدة نظم فرعية .

ومثلما شاع استعمال مفهوم منحى النظم (نظرية النظم او مدخل النظم او تحليل النظم )  في العلوم البيولوجية والطبيعية، فقد استخدام مؤخرا في العلوم الاجتماعية والانسانية . ويفسر هذا المفهوم النظم المختلفة بأنها تتكون من تركيبات منطقية ، وذلك بواسطة تحليلها لتفسير الظواهر المعقدة في المنظمات أو المؤسسات في قالب كمي ، بالرغم من أن البحوث التطبيقية المتعلقة بالتغير في المواقف أو الدراسات الاجتماعية تكون أحياناً غير عملية أو غير دقيقة. تقوم هذه النظرية  (المنحى)على أساس أن أي تنظيم اجتماعي أو بيولوجي أو علمي يجب أن ينظر إليه من خلال مدخلاته وعملياته ومخرجاته .
 وعلى الرغم من ان نظرية النظم (منحى النظم) ليست نظرية بالمعنى الذي يستخدم في العلوم ،إلا انها تعبر عن برنامج أو اتجاه في فلسفة العلم المعاصر، ويؤكد المنادون بها على جوانب عدة فيها لها هدف مشترك هو الربط بين  محتويات مواضيع مختلفة عن طريق استخدام أسلوب موحد للمفهوم.
يمكن إرجاع أسلوب النظم الى الأربعينات من القرن الماضي خلال الحرب العالمية الثانية عندما استخدمه الجيش الأمريكي فيما عرف باسم (بحوث العمليات)، ، حيث حققت الاتجاهات العسكرية المنطلقة من هذا الأسلوب نتائج هائلة في إدخال أجهزة دفاعية وهجومية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا ، مما أوجد اهتماماً متزايداً لتطبيق الأنماط التفكيرية ذاتها التي أدت الى هذا التقدم العسكري التكنولوجي الهائل في مسائل اخرى غير عسكرية
وبعد ذلك انتقل اسلوب النظم إلى الميادين الأخرى، فأصبح في الإدارة مثلا يشير إلى عملية تطبيق التفكير العلمي في حل المشكلات الإدارية. و تطرح نظرية النظم أسلوباً في التعامل ينطلق عبر الوحدات والأقسام وكل النظم الفرعية المكونة للنظام الواحد، وكذلك عبر النظم المزاملة له، فالنظام أكبر من مجموعة الأجزاء أما مسيرة النظام فإنها تعتمد على المعلومات الكمية والمعلومات التجريبية والاستنتاج المنطقي، والأبحاث الإبداعية الخلاقة، وتذوق للقيم الفردية والاجتماعية ومن ثم دمجها داخل إطار تعمل فيه بنسق يوصل المنظمة إلى أهدافها المرسومة.

بيد أن الاهتمام بمنحى النظم في التعليم بدأ مؤخراً، وبدأ يظهر بصورة واضحة منذ العقد السادس من القرن العشرين، وكان ذلك على يد عالم الاقتصاد بولدنج(Bolding) و عالم الاجتماع بكلي (Buckley) ، نتيجة لتزايد الاهتمام بالتعليم ونظمه من ناحية، وتركز الاهتمام على اقتصاديات التعليم من ناحية أخرى .
يعد "بيرتلا نفي" المتخصص في علم الأحياء أول من وضع الخطوط العامة لفكرة نظرية النظم العامة عام 1950،ثم بدأ الحديث عن نظرية النظم في الستينات من القرن الماضي ، ومع بداية السبعينات بدأت تظهر تطبيقات هذا النهج في التربية.
ترى نظرية النظم بأن التغيير في أي من مكونات النظام الواحد يؤثر على مكوناته الأخرى ، اعتمادا على النظرة للكل باعتبار ان دراسة الأجزاء بشكل منفصل عملية مضللة .
وبذلك يستطيع الباحث إن ينظر نظرة كلية للنظام ، فيرى ما فيه من عوامل وعلاقات تتفاعل مع بعضها ، حيث يحسب العوامـل التي تؤثر فيه من الخارج ، ثم يتطرق الى النظام من واقع مصادره ومدخلاته ومن حيث مخرجاته وما بينها من علاقات .
يعد منحى النظم طريقة او اسلوب في التفكير ، فالنظم تجمع لعناصر او وحدات تتحدد في شكل او بآخرمن أشكال التفاعل المنظم او الاعتماد المتبادل . بعبارة اخرى أنها طريفة تحليلية ونظامية تمكننا من التقدم نحو تحقيق الاهداف المحددة بواسطة عمل منضبط ومرتب الاجزاء . وبعبارة ادق انه نمط تفكبر واسلوب معالجة ،وله خطوات او مراحل عمل وتختلف هذه الخطوات باختلاف  وجهات نظر مستخدميها .
 ويمكن ان نحدد خطوات العمل الأساسية في أسلوب النظم كما ياتي:
1.تحديد الهدف
2.تحليل عناصر النظام
3.تنفيذ النظام
4.التقويم والتغذية الراجعة والمتابعة
فضلاً عن ذلك  إن أسلوب النظم يتمتع بمنهجية علمية منظمة تكسب صاحبها نمطاً متميزاً في التفكير، وتزوده بالعديد من المهارات اللازمة . وأهمية السير على وفق خطـواته تعد ذات قيمة أساسية للمتعلم العصري الذي يواكب التطور التقني الحديث ، كما انه يساهم في أبعاد شبح العشوائية والارتجال مما يوفر الكثير من الجهد والوقت ، لكون أسلوب النظم يعد منهجاً وطريقة علمية في تخطيط أي عمل أو نشاط ، وتنفيـذه وتقويمه لتحقيق أهدافه المنشودة ،
أي ان من أهم خواص أسلوب النظم :
1.النظر للعمل على انه نظام يتكون من مجموعة من العناصر يرتبط بعضها ببعض ،ويؤثر كل منها في الأخر لتحقيق ذلك العمل .
2.العمل على تحليل كل عنصر من عناصر النظام .
3.الاقتراب من الموضوعية في البحث والتجريب وإصدار الأحكام على النتائج .
4. التركيز على التكامل بين الجوانب النظرية والتطبيق العملي .
5.اعتماد التقويم بوصفه خطوة أساسية في سبيل التطوير والتعديل .
                                               
ومن خلال ذلك يمكن تعريف أسلوب النظم  بانه إسلوب ونمط تفكير(طريقة منطقية لحل المشكلات )  يتضمن إجراءات التحليل والتركيب والتقويم النظام وتنفيذ النظام والتغذية الراجعـة والمتابعة اي انه يعني تحديـد إمكانات النظام من المـواد البشرية والتعليمية وتحديد المشكلة بشكل أهداف عامة للبرنامج ، وذلك من اجل تسهيل عملية اتخاذ القرارات المناسبة .
 الفرق بين المدخل المنظومي ومدخل النظم :
 يؤكد كل من  المدخل المنظومي ومدخل النظم على الوضوح والتكرار والتخطيط ولكن هنالك بعض الفروق يمكن اجمالها كالاتي:
1. مدخل النظم نظام يشير إلى الترتيب ، بينما  المدخل المنظومي  فهوالكل المنظم الذي يتضمن التلقائية والابتكارية .
2.مدخل النظم تطبيق لعلم التحكم والاتصال بين الإنسان والآلة    )بمعنى الإنسان
آلة وكل أفعاله تتم وفق نظام محدد تحكمه وحدة تحكم دقيقة هي العقل ) ، بينما المدخل المنظومي يستند على علم المعرفة الإنسانية وطبيعتها ومصدرها وقيمتها )بمعنى الإنسان سخر الآلة لخدمته ) .

3. مدخل النظم يرى أن التعلم للإتقان لا يحتاج سوى تصميم جيد للمواد التعليميةوطرق تدريسية مبرمجة ،مما يعوض مشكلة الفروق الفردية . بينما يرى  المدخلالمنظومي  أن التعلم للإتقان يضم خصائص المتعلم و الاتجاهات المختلفة والخبراتالسابقة، والبنية المعرفية للمتعلم .

4- مدخل النظم يهتم بالمعطيات الكمية للموارد والإمكانيات وحساب النتائج المتوقعةبشكل رياضي فهي تتكون من مدخلات ومخرجات وعمليات ويتم توجيهها من خلال التغذية الراجعة ، بينما يتكون المدخل المنظومي من مكونات  مترابطة ومتداخلة ومتناغمة ومتشابكة العلاقات ،وتحدها حدود اجتماعية ودينية وأخلاقية وهي مرنةتشجع على الابتكار .
             
 د.عبدالمجيد حميد الكبيسي
الآكاديمية العليا للدراسات العلمية والانسانية / العراق / بغداد